[هذه السلسلة من المقالات عن إعادة قراءة العهد القديم بعيون وفكر العهد الجديد؛ ليست تكرارًا ولا حوارًا حول سلسلة المقالات التي سبقتها؛ التي برهنت أن ناموس العهد الجديد (روح الحياة القدوس)؛ قد حل محل ناموس العهد القديم (الخطية وعقوبة الموت) "لأنه إن تغَيَّر الكهنوت فبالضرورة يصير تغيُّر للناموس أيضًا" (عب ١٢/٧)؛ ولكنها محاولة تطبيقية جادة لقراءة العهد القديم بفكر العهد الجديد]
لقراءة المقالات السابقة من هذه السلسلة اضغط عالرابط التالي
https://anbamaximus.org/articles/NewTestament.php
هدم الناموس أم تغييره!
ما زلت متحيرًا في أمر المدعوين خدامًا لإنجيل المسيح وهم ما يزالوا مُستَعبَدِين ويَستَعبِدُون البسطاء للناموس وقديمه؛ مع أن العهد الجديد يقولها بكل صراحة: "لأن ناموس (الطبيعة الجديدة) روح الحياة (الروح القدس) في المسيح يسوع قد أعتقني (حررني) من ناموس الخطية والموت (ناموس موسى)" (رو ٢/٨)
فإذا كان المسيح له المجد لم يهدم (ينقض) الناموس لأنه نافع؛ فهذا لا يلغي أنه غيّره وبدّله بناموس آخر متفوق عليه (أنجز إيجابياته وتعداها) بمئات المرات بغير هدم أو نقض له؛ هو ناموس الروح القدس والطبيعة الجديدة في المسيح يسوع؛ العبارات واضحة صادمة لا تحتمل التأويل: "الناموس لم يُكمل شيئًا" (عب١٩/٧)؛ "لأنه إن تغير الكهنوت (من هارون إلى المسيح) فبالضرورة يصير تغيير للناموس أيضًا" (عب ١٢/٧)؛ "لأنه إن كان بالناموس بِر؛ فالمسيح إذًا مات بلا سبب!" (غلا٢١/٢)
فهل معنى: ما جئت لأنقض الناموس؛ بل لأكمل؛ أن يكون ناموس العهد القديم وطريقة فهمه لأعمال الله؛ وتشريعاته بقتل المرتد، وسبي النساء والأطفال ومئات الوصايا المتناقضة مع إنجيل المسيح؛ هي الأساس الذي لم يُنْقَض الذي كَمل عليه المسيح البناء؟! أم أن المسيح وحده هو أساس البناء الجديد الأعظم والأكمل؟
وهل تؤمن الكنيسة المسيحية بكتاب مقدس واحد يضم عهدين متناقضين في كل شيءٍ! أم تؤمن الكنيسة بالمسيح مخلصًا بدون (الناموس) وتقبل شهادة الكلمة النبوية التي في العهد القديم عنه؟
وأنها لم تقبل العهد القديم إلا مُكَمَّلَاً بالجديد! وإلا لو قَبِلَتْ القديم على حده بدون الجديد ثم تضيف إليه الجديد؛ لكانت تؤمن بمتناقضين، وتنكر مسيحها وعهده الجديد؛ من أجل تثبيت ناموسًا لم يُكمّل شيئًا وليس به بر!
وإذا قَبِلَتْ الكنيسة المسيحية رؤية ورِواية سفر التكوين أن الله قال إنه سيُبيد ويُهلِك خليقته؛ وأن الله قال ليشوع بن نون أقتل أطفال أريحا؛ فبالضرورة ينبغي ألا تشعر بالعار ولا تخجل من أن الله قال لموسى في سفر التثنية: أن يأمر الأخ بقتل أخيه المرتد (تث ٩/١٣)؛ وأن: "حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصُلح، فإن أجابَتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك! … وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاِضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال … فتغتنمها لنفسك!!!" (تث ٢٠: ١٠-١٥)
فهل هذه أقوال الله أم تشريعات موسى النبي؟ وإذا كانت هذه تشريعات النبي موسى؛ فلماذا لا ينطبق نفس الحُكم على ما سَجله في سفر التكوين أن يقول الله: أنه قرر أن يُهلِك ويمحو عن الأرض خليقته!
وما موقف هذه العبارات من الإنجيل: "أحب الله (الله نفسه) العالم حتى وهب (بذل) ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به"!
وهل يليق "بحق الإنجيل" بعد هذا؛ أن يُقال: أن المسيح هو الكتاب المقدس، والكتاب المقدس هو المسيح! هل هذا هو مَسيحهُم؟ يأمر باستعباد المتصالحين! وسبي النساء والأطفال؟!
(خَجِلت من عارهم أمام العالم وأنا أكتب هذه السطور؛ ولكنني اخترت الحكمة والأمانة على التغطية والتستر؛ وحتى يَخجلوا من أنفسهم ومما يخدعون به البسطاء والسلماء)
كهنوت العهد القديم (كهنوت هارون) حل محله كهنوت المسيح (كهنوت ملكي صادق)؛ وناموس موسى وكل تشريعاته؛ حل محلها ناموس الروح القدس والطبيعة الجديدة؛ والشعب القديم حَلت مَحلهُ كنيسة المسيح، والعهد القديم حل محله عهدًا جديدًا؛ فقط الكلمة النبوية هي التي تحققت في الجديد وهي التي اِستشهد بها المسيح له المجد ورُسُلِه القديسين وأباء الكنيسة ومعلميها؛ والتعلم من تعاملات الله مع قديسيه.