عطية الانجيل


إن السمة الرئيسية التي تميز المسيحي الحقيقي هي قبوله واستلامه للمسيح بالروح القدس. العلامة التي لا يمكن دحضها(إنكارها) لقبولنا للمسيح هي تغيير طبيعتنا الخاطئة وقبول الطبيعة الجديدة التي تميل إلى الحب وترفض الشر والخطيئة. إذا كنا نؤمن بموت المسيح الفدائي على الصليب فقط، وكنا نصلي ونقول إننا قبلنا المسيح ربًا ومخلصًا لنا دون أن نتغيّر من حب الخطية إلى محبة الله ومحبة بعضنا البعض كما أحبنا يسوع; "فليُحِبّ بَعضُنا بَعضًا، أيّها الأحِبّاءُ لأنّ المَحبّةَ مِنَ اللهِ وكُلّ مُحِبّ مَولودٌ مِنَ اللهِ ويَعرِفُ اللهَ مَنْ لا يُحِبّ لا يَعرِفُ اللهَ، لأنّ اللهَ مَحبّةٌ." 1 يوحنا7:4-8; فهذا هو أهم دليل على أن إيماننا لم يوصلنا بعد إلى خلاص المسيح.

يحتاج الكثيرون إلى أن يدركوا أن الفارق الأساسي بين ناموس العهد القديم والمسيحية هو أن الناموس قد وَضَعَ قواعدَ للإنسان لطاعتها والقيام بها. من يفعلها يعتبر بارًا، ومن لا يفعلها فهو غير مطيع وخاطئ ويستحق العقاب هنا على الأرض وأيضًا في اليوم الأخير. أما المسيحية فهي ليست مبنية على نظريه الخطأ والصواب، بل على أن تكون أو لا تكون، بمعنى أن الناموس أمر بعدم السرقة أو الزنا أو القتل، أما المسيح جاء ليعطي الإنسان هبة ونعمة الحياة الجديدة "أمّا أنا فجِئْتُ لِتكونَ لهُمُ الحياةُ، بل مِلءُ الحياةِ." يوحنا 10:10 هذا ما يجعل الإنسان أمينًا لا سارقًا. 

إنه يمكننا أن يكون لدينا قلوب وعيون طاهرة فلا نكون زناة وذلك من خلال اقتناء الروح القدس، لكي يكون لنا نعمة سُكنى الروح القدس فينا " أما تَعرِفونَ أنّكُم هَيكَلُ اللهِ، وأنّ رُوحَ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟" 1 كورنثوس 3:16 حتى نستطيع نحب أعداءنا ونغفر للذين يُسيئون إلينا. فإن طاعتنا للوصايا وكلمة الله الآب المقدسة لا تقودنا فقط إلى فعل الخير والابتعاد عن الشر ولكنها تقودنا أيضًا إلى كره الخطية وكل الأعمال والأفكار الشريرة والامتلاء بحياة الله ومحبته وقداسته وأمانته. ولكن بكل أسف، لا يزال العديد من المسيحيين يعيشون بعقلية شريعة العهد القديم ولم يُحوّلوا ذهنهم بعد إلى فكر الإنجيل، مفهوم الطبيعة الجديدة، والتغيّر لبلوغ صورة المسيح ومثاله، والاتحاد به "وإذا كانَ أحَدٌ في المَسيحِ، فهوَ خَليقَةٌ جَديدةٌ: زالَ القَديمُ وها هوَ الجديدُ"." 2 كورنثوس 5:17

إن عطية المسيح للإنسان في العهد الجديد هي عطية التبني بالنعمة للآب السماوي أي الاشتراك في الابن، "والدّليلُ على أنّكُم أبناؤُهُ هوَ أنّهُ أرسَلَ رُوحَ اَبنِهِ إلى قُلوبِنا هاتِفًا: «أبـي، يا أبـي». 7فَما أنتَ بَعدَ الآنَ عَبدٌ، بَلْ اَبنٌ، وإذا كُنتَ اَبنًا فأنتَ وارِثٌ بِفَضلِ اللهِ." غلاطية 6:4-7. ليس كل من يؤمن بالمسيح يصبح ابنًا لله، لكن العلامة الأكيدة لوجود نعمة التبني هي قبول الحياة الجديدة، وهي حياة المسيح التي توحدنا به وتغيرنا إلى صورته، "أمّا الذينَ قَبِلوهُ، المُؤمِنونَ باَسمِهِ، فأعطاهُم سُلطانًا أنْ يَصيروا أبناءَ اللهِ." يوحنا 1:12.

لقد أهمل الكثيرون خلاصهم وسعوا إلى السلام وهدوء القلب من خلال التدين والطقوس والممارسات، لكن كل هذا عبثٌ. أما أولئك الذين قبلوا المسيح بالروح القدس قد تلقوا عطية التبني والطبيعة الجديدة وجاءوا ليتمتعوا بالسلام الأبدي والفرح والحب.