صليب المحبة ، و قوة القيامة


 هل مات المسيح علي الصليب لأجلنا لكي يوفي للناموس دينا علينا له أم لكي يعتقنا من الناموس ؟ ناموس الخطية والموت (رو٢/٨).  ولكي يمزق صك فرائض الناموس علي الإنسان (كو١٤/٢)ا ؟

هل يقول العهد الجديد أن موت المسيح لأجلنا : كان لكي يرد غضب الآب علينا وعلي خطايانا ! أين يوجد هذا النص في العهد الجديد ؟

أم واجه الموت : لكي يطرح لوسيفر خارجًا (يو٣١/١٢) ولكي يبطل الخطية بذبيحة نفسه (عب ٢٦/٩) ولكي يبيد الموت (عب١٤/٢) ؟ 

هل يعلم المؤمنون بالمسيح أن : نظرية اشباع العدل الالهي التي تُعلم بأن المسيح قد مات بدلا من الانسان ليرد و يهدئ غضب الله عليه ! كان قد وضعها أنسالم رئيس اساقفة كانتربري الكاثوليكي في القرن الثاني عشر الميلادي ؛ دون أن يذكر فيها شاهدا واحدًا من الإنجيل ! و لاذكر فيها مرة واحدة عبارة "محبة الله" في شرحه لموت المسيح الفدائي علي الصليب ؟! 

ولكن أنسالم : فيما أراد أن يشرح الإيمان المسيحي للمسلمين الذين كانوا قد وصلوا الي أوروبا ؛ إستخدم التعريف الإسلامي للعدل بمعني "القصاص" و لم يستعمل التعريف المسيحي للعدل الذي هو البر ؛ الذي هو حياة الله !

اعتدنا منذ نعومة أظافرنا أن نسمع و نردد موروثات نظرية أنسالم ؛ لأنها جاءت متسقة مع ناموس العقاب والموت ، وكنيسة مستغرقة في التهود في الغرب وقد ضمت الناموس ( الأعمال) الي الايمان بالمسيح للخلاص ! فيما كانت الكنيسة في الشرق هي الاخري محاطة بالاسلام من كل جانب ؛و دون أن نسأل : أين برهان هذا التعليم في العهد الجديد ؟!

أما إنجيل المسيح فيقول بكل وضوح : أن الآب السماوي قد أعطانا إبنه و بذله لأجلنا أجمعين ؛ لأنه أحبنا - أحب الانسان ( يو ١٦/٣) 

ثم يشرح كاتب الرسالة الي العبرانيين : "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم و الدم ، تشارك هو أيضا فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (عب ١٤/٢) و أيضا : "ولكنه الآن قد أُظهر مرةً عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب ٢٦/٩) 

إن كنيسة العصور الوسطي التي فرضت الأعمال (أي الناموس) إلي جوار الإيمان بالمسيح كشرط للخلاص ؛ هي نفسها التي قدمت لنا شرحا لصلب المسيح يتسق مع ناموس الأعمال و العقاب ولا يستند إلي نص واحد من الإنجيل بل يتناقض صراحة كما أسلفنا مع العهد الجديد !

المشكلة ليست إختلافات في مناهج الشرح و التفسير ؛ ولكنها إستعادة صورة العلاقة التي صنعها الناموس بين الله والانسان التي تأسست علي العقوبة الرادعة للخطيئة ؛ وقد طبقها علي صليب المسيح بدلا من إعلان محبة الآب السماوي التي هي جوهر العهد الجديد :  أن الله محبة و أنه بسبب محبته للإنسان أعطانا إبنه لكي نحيا به وبذله لأجلنا أجمعين "هكذا أحب الله العالم حتي بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ..أن الله أعطانا حياة أبدية و هذه الحياة هي في إبنه. من له الابن فله الحياة و من ليس له ابن الله فليست له الحياة" (يو١٦/٣ ، ١يو١١/٥)

وهذا هو الفخ الذي نصبته للكنيسة المسيحية ؛ نظرية أنسالم : أنه شرح صليب المحبة بناء علي ذهنية الناموس و العقاب و استعاد الصورة القاسية التي رسمها الناموس عن الله للإنسان ، ثم جعل الله يضحي بإبنه ترضية لعدله ! وليس أن فيض محبته للإنسان الذي مات بالخطيئة ؛ جعله يعطيه ويبذل لاجله إبنه الوحيد لكي يحيا به الانسان  

الحقيقة الواضحة بجلاء في العهد الجديد و إنجيل المسيح : أن الله بذل إبنه لأجلنا لأنه يحبنا (يو١٦/٣) وأنه أعطانا بإبنه الحياة الابدية (١يو١١/٥) و أن الصليب كان هو المواجهة بين ابن الله و بين لوسيفر ملك الموت لكي يبيده بموته و يحرر الانسان من عبوديته "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم و الدم اشترك هو أيضًا فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي ابليس" (عب ١٤/٢) ومن ثم صارت لنا غلبته علي الموت وأيضا قوة قيامته بعمل روحه القدس فينا لكل من يؤمن به و يخضع لمحبته "لأن محبة الله قد إنسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطي 
لنا" (رو٥/٥)
المجد والكرامة للحمل المذبوح عن حياة العالم الذي غلب الموت والشرير وحررنا من قبضتة بقوة القيامة و أعطانا هذه الغلبة وقوة القيامة عينها علي الخطية و الشيطان.