ما معنى الطهارة في المسيحية؟


ما معنى الطهارة في المسيحية؟

عندما نقرأ العهد القديم، نرى أن معنى الطهارة كان ببساطة غسل الجسد من الخارج، والامتناع عن تناول بعض أنواع الطعام، وتجنب لمس أشياء معينة، وهكذا. كل هذه القواعد القديمة كانت تتعلق بالنظافة الشخصية، وكانت تقاليد يهودية. نقرأ في إنجيل متى أن الكتبة والفريسيين تصادموا مع يسوع حول هذا المفهوم وقالوا له، "«لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلاَمِيذُكَ تَقْلِيدَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ خُبْزًا؟»" (مت 15: 2). أجابهم يسوع بالمعنى العميق للطهارة في العهد الجديد. "ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ». أَلاَ تَفْهَمُونَ بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يَمْضِي إِلَى الْجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إِلَى الْمَخْرَجِ؟ وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. هذِهِ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. وَأَمَّا الأَكْلُ بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلاَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ»." (مت 15: 10-20).

وضع يسوع في هذه الآيات تعريفاً جديداً لما هي النجاسة وما هي الطهارة، الذي يختلف عما وضعه العهد القديم للناس البدائيين، الذي كان من شأنه أن يساعدهم على تجنب المرض والتلوث بالنظافة والاغتسال الخارجي. 
لقد ذهب المسيح في تعريفه الي عمق كيان الإنسان وشرح أن النجاسة تأتي من القلب والعقل والأفكار التي تخرج من الجسد وتدنسه. وليس تناول أطعمة ومشروبات معينة بأيدٍ غير مغسولة هو الذي ينجس الانسان. النجاسة تأتي من الداخل لا من الخارج. القلب الخاطئ والأفكار الشريرة وشهوات الجسد هم ما يجعلون الإنسان نجسًا.

الهدف الرئيسي لكل مسيحي آمن بيسوع المسيح وقَبِلَه بالروح القدس هو أن يصبح متحداً به وأن يشبهه أكثر فأكثر كل يوم. أن تكون متحدًا مع يسوع المسيح يعني عمليًا أنك يجب أن تتخلى عن طريقة الحياة القديمة التي كانت تحت سيطرة الخطية وتصبح أفكار المرء وأفعاله متطابقة مع القياس المنصوص عليه في الكتاب المقدس. "يجب ألا تتحكم قوة الخطية في الطريقة التي نعيش بها، بل أن يتحكم الروح القدس في طريقة حياتنا. لذلك لا تعيشوا تحت سيطرة الخطية فإن فعلتم هذا، فحتمًا ستفكرون فيما يريده الروح القدس. 6 لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ.7 لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ للهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ.8 فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ. رومية ٨: 8،7،6
قد يقول بعض الناس أنه لا يوجد أحدًا كاملاً على الإطلاق ولا يصل الإنسان أن يكون بلا خطية بينما لا يزال على هذه الأرض. هذا ليس حقيقيَا لأن يسوع أوصانا أن نكون قديسين لأنه هو قدوس. لذلك فهي وصية وليست اختيارًا لأي مؤمن بالمسيح. أن تكون مقدسًا وطاهرًا هو الهدف الذي يسعى إليه كل مسيحي. يقول الكتاب المقدس عبارة قوية بخصوص هذا الأمر في 1 تسالونيكي 4: 7، 8 لأَنَّ اللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي الْقَدَاسَةِ.8 إِذًا مَنْ يُرْذِلُ لاَ يُرْذِلُ إِنْسَانًا، بَلِ اللهَ الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا رُوحَهُ الْقُدُّوسَ.. 
وأيضًا نقرأ في الرسالة الأولى لبطرس الرسول: "كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ»." (1 بط 1: 14-16).
ما يجب أن نعرفه أننا لن نكون قادرين على أن نكون طاهرين بأعمالنا أو بقوتنا، ولكن باتحاد إرادتنا مع الشخص الكامل الذي لا يخطئ، ربنا يسوع المسيح، النعمة الممنوحة من الله للبشرية كلها.